Educator, writer, and human rights activist Osman Turath posted this piece that was originally written in English by his son, a victim of torture.
This is what PTSD looks like as most of the young and older human rights activist had to live when they were asked by the Attorney General Committee to tell what happened to them in the torture center run by former regime of Muslim Brothers in Sudan.
(Re-posted with permission)
محمد
ابني ذهب إلى مقر لجنة التحقيق ثلاث مرات لكي يدلي بشهادته حول ما شاهده
بعينيه وما عاشه وواجهه بنفسه في مذبحة فض الاعتصام، لكنه، وبسبب مشقة
الأمر نفسيا، لم يستطع الادلاء بتلك الشهادة، وكتب هذا النص بالإنجليزية ثم قام بترجمته إلى العربية:
#تحذير_من_محتوى_مؤلم
يطلبون منك الإدلاء بشهادتك...
أن تتلو عليهم قصتك,
وكأن الحديث عن مصاب الشر الذي وقع عليك قد..
يشفيك،
أو يوقف هلاك هذا العالم,
أو قد ربما يُرقِد آلامك،
أو آلام احدهم..
بسلام.
"من قتلهم"؟ يسألون ببساطة.
"هل رأيت الشيطان"؟
"كيف تصرفت حين صُلب المسيح"؟
"هل رأيت الابتسامة تعلو وجوه من اغتصبوا مريم العذراء"؟
"أين كنت"؟ "لم كنت حيث كنت"؟
"كم ميل جريت"؟
"من اطلق النيران؟"
"من اصابت؟"
"ماذا كان يخطر ببالك؟"
"من كنت تخاف ان تفقد؟"
"من كان يهاب فقدانك؟"
"هل أقدمت تجاه الموت أم فررت نحو الحياة؟"
"هل نزفت؟" "اتزال ندوبك تزين جسدك؟'
'كم مرة مت؟"
"هل تشعر بالامتنان؟"
لست انا عدوكم..
بل ذنبي الذي احمل.
هذا الذنب.
يحاصرني في ساعات التجلي المباركة،
ثم يلقي عليها اللعنات.
يؤذيني باللوم الذي يلقي علي،
يلومني لأنني حاورت الرصاص الذي اصاب رفاقي،
لأني لم التفت للخلف،
لم اسقط،
لم أمسك بأيدي المزيد من اولئك الذين سقطوا،
لا يكترث..
هذا الذنب، ان لدي يدان فقط..
ذنب النجاة، يثقلني بحمولة موت من لم ينجو،
يناديني بحاصد الارواح،
"الموت يتبعك،" يقول:
الست صديقا قديما لعزرائيل؟"
يجعل منك مملوكا له،
يرغمني على حمل جثامين الشهداء على كتفي
من حلم.. إلى آخر..
وفي اليقظة..
يجلد ظهري..
يربط حبلا حول عنقي المليء بالندوب
ليجرني على الرصيف المدمى حتى يتشظى جلدي الواهن
وحين يجدني مشوها تماما،
يلقي بي ، فأعود للعالم,
.
أعتذر لهذا العالم المرهف،
وأعيد تعريف نفسي اليه،
أحذره بأني قد أؤذي نواة الكوكب الأخضر دون قصد.
انا لست من اتمنى ان اكون,
لست من افنيت عمري في محاولات كونه،
انا...
افنيت عمرا في الجحيم،
وعدت بلغة محترقة.
يطلبون منك شهادتك،
ولست أعلم علام يريدونني أن اشهد،
وانا لست من كنت هناك في أرض المجزرة.
لا يدخل الرجل الجحيم ويخرج منها نفسه،
يخرج منها،
حاملا للجحيم التي صارت تسكن داخله..
جلده ليس سوى محاكاة رخيصة للبشر،
جسده ماعون للصدمات،
رأسه مشوش بفكرة من كان يوما ما..
وجوده في الأرض تجسيد للحزن والفقدان...
انا لست عدوكم،
بل حزني الذي احمل...
اسميه حزنا لأن لغتي لا تعلمني كلمات تكفي لوصف هذا الوباء،
كالورم الخبيث،
ينمو على جسدي،
تحمله أطرافي،
يلوث قلبي الأحمر،
يشظيه إلى أشلاء،
يغمسه في وعاء حبر أسود،
يلوث به الجدران،
يصرخ ببذاءاته في اذنيي،
لتخرج من فمي.
وحين ينتهي من جعلي مسخا..
يؤذي من يجلسون بجانبي،
عبري انا...
احاول منعه،
ولكنني لست سوى مملوكا لديه.
فيطلبون مني شهادتي،
ولكني انذر للرحمن صوما من الحديث عند الصباح،
واحدث كل انسي ارى في المساء.
لست أهلا للشهادة،
أو أن اتحدث، أو يحدثني أحد.
لست صالحا للرفقة، او المشي معه،
أو الاعتماد.
انا لست سوى ذكرى مما يطلبون مني الشهادة به.
حيثما جاءت الكارثة،
تترك نتائج كارثية،
وانا لست سوى نتيجة كارثية لحدث كارثي.
مريع، مرعَب، مرعِب، مصدوم، مصاب، ومتعب.
يطلبون مني الشهادة، مرة اخرى،
فأسال اولا:
"هل انا حقا ببشاعة ما رأيت؟
اتخيفكم اثار الدم على يدي؟
ام تضجركم قصص الموت التي احملها بعيني؟
الم تسأموا؟
من تكرار الحروف؟
والخطب السخيفة؟
والوعود البالية؟
مريع، مرعَب، مرعِب، مصدوم، مصاب، ومتعب.
استهلكني التعب،
ومراجعة الخطوات لإستذكار تفاصيل الحكاية.
اخاف على قصتي ان يفقدها التكرار معناها،
إني...
اخاف على الحقيقة.
اخاف من الإدلاء بهذه الشهادة.
محمد عثمان (Gaki)
10 فبراير2020
يطلبون منك الإدلاء بشهادتك...
أن تتلو عليهم قصتك,
وكأن الحديث عن مصاب الشر الذي وقع عليك قد..
يشفيك،
أو يوقف هلاك هذا العالم,
أو قد ربما يُرقِد آلامك،
أو آلام احدهم..
بسلام.
"من قتلهم"؟ يسألون ببساطة.
"هل رأيت الشيطان"؟
"كيف تصرفت حين صُلب المسيح"؟
"هل رأيت الابتسامة تعلو وجوه من اغتصبوا مريم العذراء"؟
"أين كنت"؟ "لم كنت حيث كنت"؟
"كم ميل جريت"؟
"من اطلق النيران؟"
"من اصابت؟"
"ماذا كان يخطر ببالك؟"
"من كنت تخاف ان تفقد؟"
"من كان يهاب فقدانك؟"
"هل أقدمت تجاه الموت أم فررت نحو الحياة؟"
"هل نزفت؟" "اتزال ندوبك تزين جسدك؟'
'كم مرة مت؟"
"هل تشعر بالامتنان؟"
لست انا عدوكم..
بل ذنبي الذي احمل.
هذا الذنب.
يحاصرني في ساعات التجلي المباركة،
ثم يلقي عليها اللعنات.
يؤذيني باللوم الذي يلقي علي،
يلومني لأنني حاورت الرصاص الذي اصاب رفاقي،
لأني لم التفت للخلف،
لم اسقط،
لم أمسك بأيدي المزيد من اولئك الذين سقطوا،
لا يكترث..
هذا الذنب، ان لدي يدان فقط..
ذنب النجاة، يثقلني بحمولة موت من لم ينجو،
يناديني بحاصد الارواح،
"الموت يتبعك،" يقول:
الست صديقا قديما لعزرائيل؟"
يجعل منك مملوكا له،
يرغمني على حمل جثامين الشهداء على كتفي
من حلم.. إلى آخر..
وفي اليقظة..
يجلد ظهري..
يربط حبلا حول عنقي المليء بالندوب
ليجرني على الرصيف المدمى حتى يتشظى جلدي الواهن
وحين يجدني مشوها تماما،
يلقي بي ، فأعود للعالم,
.
أعتذر لهذا العالم المرهف،
وأعيد تعريف نفسي اليه،
أحذره بأني قد أؤذي نواة الكوكب الأخضر دون قصد.
انا لست من اتمنى ان اكون,
لست من افنيت عمري في محاولات كونه،
انا...
افنيت عمرا في الجحيم،
وعدت بلغة محترقة.
يطلبون منك شهادتك،
ولست أعلم علام يريدونني أن اشهد،
وانا لست من كنت هناك في أرض المجزرة.
لا يدخل الرجل الجحيم ويخرج منها نفسه،
يخرج منها،
حاملا للجحيم التي صارت تسكن داخله..
جلده ليس سوى محاكاة رخيصة للبشر،
جسده ماعون للصدمات،
رأسه مشوش بفكرة من كان يوما ما..
وجوده في الأرض تجسيد للحزن والفقدان...
انا لست عدوكم،
بل حزني الذي احمل...
اسميه حزنا لأن لغتي لا تعلمني كلمات تكفي لوصف هذا الوباء،
كالورم الخبيث،
ينمو على جسدي،
تحمله أطرافي،
يلوث قلبي الأحمر،
يشظيه إلى أشلاء،
يغمسه في وعاء حبر أسود،
يلوث به الجدران،
يصرخ ببذاءاته في اذنيي،
لتخرج من فمي.
وحين ينتهي من جعلي مسخا..
يؤذي من يجلسون بجانبي،
عبري انا...
احاول منعه،
ولكنني لست سوى مملوكا لديه.
فيطلبون مني شهادتي،
ولكني انذر للرحمن صوما من الحديث عند الصباح،
واحدث كل انسي ارى في المساء.
لست أهلا للشهادة،
أو أن اتحدث، أو يحدثني أحد.
لست صالحا للرفقة، او المشي معه،
أو الاعتماد.
انا لست سوى ذكرى مما يطلبون مني الشهادة به.
حيثما جاءت الكارثة،
تترك نتائج كارثية،
وانا لست سوى نتيجة كارثية لحدث كارثي.
مريع، مرعَب، مرعِب، مصدوم، مصاب، ومتعب.
يطلبون مني الشهادة، مرة اخرى،
فأسال اولا:
"هل انا حقا ببشاعة ما رأيت؟
اتخيفكم اثار الدم على يدي؟
ام تضجركم قصص الموت التي احملها بعيني؟
الم تسأموا؟
من تكرار الحروف؟
والخطب السخيفة؟
والوعود البالية؟
مريع، مرعَب، مرعِب، مصدوم، مصاب، ومتعب.
استهلكني التعب،
ومراجعة الخطوات لإستذكار تفاصيل الحكاية.
اخاف على قصتي ان يفقدها التكرار معناها،
إني...
اخاف على الحقيقة.
اخاف من الإدلاء بهذه الشهادة.
محمد عثمان (Gaki)
10 فبراير2020
No comments:
Post a Comment