Wednesday, October 26, 2005

التعذيب في السودان

التعذيب في السودان

هلال زاهر الساداتي – القاهرة
استعير هذا العنوان وهو لكتاب أصدره مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف , وهو منظمة مصرية مقرها بالقاهرة تضم كبار الاختصاصيين في الطب النفسي من المصريين تتعهد ضحايا التعذيب بالعلاج والرعاية دون مقابل , وما يقومون به من عمل إنساني نبيل لا تستوفي الكلمات حقه في الشكر والعرفان , فلهم احسن الجزاء من الله في دنياهم وآخرتهم .. وهذا الكتاب يضم حقائق وشهادات مئات السودانيين الذين عذبهم نظام الجبهة القومية الإسلامية في بيوت الأشباح في السودان , ويروي قصصاً للتعذيب كالخيال ولكن الواقع قد يكون أحيانا اغرب من الخيال , وهو عذاب تقشعر منه الأبدان وتعجب النفس أن هناك بشراً يستمرئون تعذيب الناس بهذه الوحشية التي لا تأتيها الحيوانات , وقد تعرض للتعذيب كل فئات الشعب السوداني من أساتذة الجامعات والمعلمين والأطباء والمهندسين والمحامين والمزارعين والتجار والموظفين والعمال ورجال الجيش والناس البسطاء , ويمكن القول انه لم ينج أحد من العذاب من ساعة اعتقاله وإلى حين إطلاق سراحه بعد شهور أو سنين ..
تعذيب منهجي منتظم ليلاً ونهاراً بوسائل وحشية تستهدف جسد ونفس الضحية , وهذا الكتاب لا يتأتي للناس في السودان الاطلاع عليه , ولكنه يكشف للعالم ما يجري لمعارضي الإنقاذ أو الجبهة القومية الإسلامية في السودان من تعذيب ومهانة وإذلال .. وجاءت تسمية بيوت الأشباح من أن الجلادين في بداية حكم الجبهة كانوا ملثمين عندما يقومون بتعذيب المعتقلين في بيوت الأمن السرية , ثم سفروا بعد ذلك , ولكن ظلوا ينادون بعضهم البعض بأسماء مستعارة غير أسمائهم الحقيقية ...ورغم ذلك تم التعرف عليهم وإلى عائلاتهم وأماكن سكنهم , والجدير بالذكر إن كبار رجال الجبهة شاركوا بأيديهم في هذا العمل المخزي مثل الدكتور نافع علي نافع والذي كان أول رئيس لجهاز أمن الدولة .. ونقرأ في مقدمة الكتاب : (( علي مدي عشر سنوات وفد إلى مركز النديم مئات من السودانيين ضحايا التعذيب , هم فقط بعض من أولئك الذين تمكنوا من الفرار من قبضة معذبيهم وسجانيهم , تاركين وراءهم آخرين لا يعرف أحد عددهم حتى الآن , وربما لن يعرف أحد ذلك العدد أبداً . منهم من استشهد , ومنهم من لم يتمكن من الإفلات , ومنهم من لا يزال يقاوم .
في البداية كانوا يأتون فرادي , ثم اصبحوا يأتون بالعشرات , و أخيراً بالمئات , ولا يزالون يأتون . وعلي مدي تلك السنوات تواترت الشهادات والروايات , يحكونها , تتنوع وتختلف أحياناً , وتتكرر وتتطابق أحياناً أخرى , لكنها تتفق جميعها في بشاعتها وقسوتها .
وأخذت أشكال التعذيب تتشكل أمامنا بتفاصيلها ودقائقها , ورغم عملنا لسنوات طويلة في هذا المجال , فقد كانت كثيراً ما تصدمنا وحشيتها , وقدرة القائمين علي التعذيب علي تنفيذها , وتكرار تنفيذها , و أحياناً الابتكار والتفنن في أدائها , وصولاً إلى هدف التعذيب النهائي , وهو السحق التام للضحية .
وتحقق أمامنا بشكل مجسد , ما قرأناه في تقارير سابقة متعددة , عن قيام الحكومة السودانية بممارسة ابشع أشكال التعذيب في تاريخ السودان الحديث , وان ممارسة التعذيب تم تعميمها علي نطاق لم يسبق له مثيل , من حيث اتساعه , ومن حيث عشوائيته , وانه يطال الجميع سياسيين وغير سياسيين , معارضين وأفراد عاديين , وانه يمارس ضد الأفراد , وضد جماعات بأكملها . وارتسمت أمامنا أيضا أنماط وأنواع من التعذيب يختص بها النظام السوداني , وجديرة بأن تنسب إليهم , وهي أنماط غير مسبوقة أو منقولة ونسجل في هذا الكتاب بعضاً منها علي سبيل المثال لا الحصر كما يرويها ضحاياها , أو بالأحرى أبطالها حيث انهم لم يسحقوا كما أراد لهم الجلاد . شهادات حية ليعرف الجميع ما يجري من فظائع . ولنسجل أيضا الناجين منها معاناتهم المروعة وجهودهم الجديرة بالإعجاب , للمقاومة والتماسك من جديد , استطاع البعض عبور المحنة ولم شتات النفس والجسد , وتمسك بالحياة التي حاول الجلادون سحقها . استطاعوا الوقوف علي أرجلهم ثانية لمتابعة الحياة , وسقط البعض تحت وطأة التجربة التي ليست كأي تجربة , لهؤلاء جميعاً .. كرامة انتهكت , وحياة أهدرت , ومستقبل تحطم , لهؤلاء جميعاً نتعهد علي أن نعمل من اجل أن ينال الجلادون ما يستحقون , وان يشهدوا محاسبتهم ومقاضاتهم وعقابهم , ليس تعويضاً عما فعلوه بهم ,فهذا أمر لا يمكن تعويضه , و إنما انتصاراً لإنسانيتهم و لإنسانية الإنسانية التي سوف تظل مهدرة , ما دام هؤلاء الجلادون أحراراً يعيثون في الأرض تعذيباً وإجراماً )).
وبعد هذه المقدمة الوافية المعبرة نأتي إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته هيئة الأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948 والذي التزمت به دول العالم اجمع ومنها السودان فالمادة الخامسة منه تقول :
لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو الحاطة بالكرامة .
وقد أصدرت هيئة الأمم المتحدة قراراً بأن جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم مما يعني أن مقترفي التعذيب سوف يلاقون حسابهم طال الزمن أو قصر , فهم سيقدمون إلى المحكمة الجنائية الدولية للمحاكمة والقصاص منهم .

ولنبين أنواع وأنماط التعذيب في بيوت الأشباح في السودان والتي يمارسها أفراد الأمن كما جاءت في الكتاب في شهادات الضحايا ولقد قابلت الكثيرين منهم في القاهرة وكان من ضمنهم شقيقي عدنان المحامي وصهري الاثنين ممن تعرضوا للاعتقال والتعذيب …و أهون أنواع التعذيب هي الشتائم المفزعة البذيئة والصفع والركل واللكم , ثم الحرمان من الطعام والشراب والدواء وقضاء الحاجة , والاغتسال والسواك والحرمان من النوم والحركة والحرمان الحسي من أي مؤثرات حسية صوتية أو بصرية والهدف من هذا الحرمان هو خلق حالة مستحيلة بيولوجية ونفسية لدي الضحية , يترتب عليها قلق بالغ , ينتهي عادة بتحطم نفسي , واستسلام للإرادة , وذلك بتغمية العينين والحبس في غرف خاصة تكون معزولة بصورة مطلقة بحيث لا يمكن سماع أية أصوات من خارجها وتكون مظلمة تماما ويطلب من الضحية ألا تتحرك علي الإطلاق , فإذا بأية حركة بسيطة تنبعث علي الفور أصوات عالية ومفزعة مثل صوت صرخات وانفجارات ,
وهناك الضرب بالسياط والخراطيم وأسلاك الكهرباء وكعوب البنادق والمسدسات , و هناك الصعق بالكهرباء وإطفاء السجائر في جسم الضحية والحرق بالمكواة , وصب الماء الحار علي الجسم أو الماء البارد , والتعليق من البدين أو الرجلين من السقف كالذبيحة أو الربط علي مروحة السقف وادارتها بكل قوة , أو إغراق الرأس في مياه قذرة , وكسر العظام والأصابع بكماشة أو نتيجة للضرب بالعصي وتصيب الكسور أي عظمة من عظام الجسم سواء في الذراعين , أو الساقين , أو الفك , أو الحاجز الأنفي , أو الأسنان , أو السحل ويتم اما علي البطن واما علي الركبتين وعادة يكون هذا السحل علي رمال خشنة وساخنة في حر الشمس , وانتزاع الأظافر , ويتم بآلات معدنية مثل الكماشة أو إدخال شريحة معدنية تحت الأظافر , وسكب المياه المثلجة علي الجسم و أحيانا يتم ذلك في الشتاء وقد يصاحب ذلك تسليط مراوح الهواء علي الضحية , كذلك يتم وضع ألواح الثلج علي صدر الضحية , والصعق الكهربائي ويتم هذا الصعق بتوصيل أسلاك كهربية بالأصابع أو اللسان أو ما وراء الأذن , أو الإجبار علي الجلوس علي كرسي مكهرب وعادة ما يتم استخدام الكهرباء في الأعضاء التناسلية , والحرق ويتم ذلك بواسطة السجائر أو بأدوات معدنية ملتهبة أو بالزيت المغلي ,
و في عدد من الحالات تم سكب مواد كيميائية ملتهبة أو بلاستيك مصهور على أجزاء مختلفة من الجسم بهدف التشويه , وتدمير فروة الرأس ويتم ذلك بطريقتين : أما بتجريح الرأس وحلاقة الشعر بقطع زجاج مكسور , و إما بصب مادة كاوية على الرأس . وقد شوهد هذا الشكل من أشكال التعذيب في النساء فقط , والتقييد ويتم بتقييد الضحية عارياً في شجرة في منطقة المستنقعات ومستعمرات الناموس طوال الليل أو بتقييد الضحية في وضع القرفصاء مع ثني الذراعين , كما لو كان موضوعاً في صندوق ضيق , وتركه لعدة أيام متصلة , وهناك الإجبار على شرب محاليل مركزة من السكر أو الملح مع الوقوف في الشمس الحارقة , حتى يزداد العطش والعرق وقد يجبر أن يرفع يديه لأعلى طوال مدة الوقوف , أو إجبار الضحية على شرب منقوع مركز من النيكوتين أو الأفيون ,
أو الاستنشاق وهو استنشاق المعتقل لمواد مدمرة للجهاز التنفسي وللعين ويكون ذلك أما بإلباس راس المعتقل كيس قماش ملئ بالشطة , وإما بحرق الشطة على صفيحة معدنية أثناء حجز الضحية في مكان ضيق بدون تهوية وتركه يستنشق الأبخرة , وهناك السير والوقوف بإجبار المعتقل على سير على أسطح شديدة السخونة أو البرودة , أو على الوقوف في الشمس طول النهار دون السماح له بالمياه للشرب , وأما بإجباره على القفز داخل حفرة ضيقة وعميقة , أو على القيام بأداء تمارين رياضية عنيفة لفترات زمنية طويلة ,
وهناك مشاهدة تعذيب ضحية أخرى وقد تكون الضحية أحد أفراد أسرة المعتقل , كأن يعذب الزوجان كل منهما أمام الآخر , أو تعذب الأم والطفل معاً في مكان التعذيب نفسه , وهناك طريقة اختيار المستحيل وهي طريقة شائعة جداً تهدف إلى الضغط على الضحية من أجل الكشف عن معلومات سرية أو بهدف الاستمرار في التعذيب , أو مقايضة المعذب على اختيارات مستحيلة مثل مقايضة زيارة الأم المريضة , أو حضور جنازتها مقابل الاعتراف شفهياً أو كتابة , أو بأن يطلب من الضحية تنفيذ وسيلة من وسائل التعذيب على ضحية أخرى , وتخييره ما بين إيقاف التعذيب وتأدية الأفعال وحركات منافية للعرف الاجتماعي مثل ممارسة الجنس مع حيوان , أو جعل الحيوان يمارس الجنس معه ,
وهناك الإعدام الوهمي وفيه تعد الضحية لعملية إعدام كاملة التفاصيل ويطلب من الضحية أن يكتب وصيته ثم تجري خطوات تنفيذ الإعدام مثل تغمية العينين , أو ربط الحبل حول العنق إذا كان الإعدام شنقاً أو الربط بشجرة إذا كان الإعدام بالرصاص , وفي اللحظة الأخيرة يؤجل الحكم ويتم التراجع عنه مؤقتاً مع إعلان أي سبب للتأجيل كتعطل المشنقة مثلاً , وقد يتكرر ذلك عدة مرات , وفي كل مرة تكون الضحية على موعد مع الموت بعد أن وصلت إلى حالة من الإجهاد النفسي تجعل ذلك الموت حلماً وأملاً للخلاص من كابوس الحياة المستحيلة .

وهناك التعذيب الجنسي وهو علي عدة صور منها التحرش الجنسي وهتك العرض والتهديد بالاغتصاب حيث يتم إجبار الضحية علي خلع الملابس . ثم يتم التحرش بالجسد , وبالأخص بالأجزاء الحساسة منه , ويحدث هذا التحرش مع الرجال والنساء , ومنها إدخال سلك معدني في القضيب الذكري ويترك هذا السلك يوما أو اكثر حتى يصاب الضحية بنزيف من الجهاز البولي التناسلي , ثم ينزع السلك حتى يتوقف النزيف , ثم تعاد الكرة , ومنها ربط الخصيتين بحبل يلف حول بكرة بآخرها ثقل , أو الضغط عليها بكماشة أو زردية , ومنها الخوزقة أو الاغتصاب بأدوات صلبة ويستخدم مع الرجال بشكل أساسي , وفيه يتم إدخال عصا غليظة , أو تدفع زجاجة بفتحة الشرج أو تجبر الضحية علي الجلوس عليها , وقد لا يمكن إخراج الزجاجة بسبب ضغط الهواء إلا بكسرها وهي داخل الشرج , ومنها الاغتصاب الفعلي , وقد يتم من قبل فرد واحد , أو يتناوب اكثر من فرد علي اغتصاب الضحية ويحدث مع الجنسين , وبنسبة اعلي مع النساء
ومنها التهديد بإيذاء الأسرة أو الأصدقاء بالتعذيب أو الاغتصاب أو القتل وكثيراً ما يتضمن ذلك محاولات فعلية بهذا الشكل من أشكال الاعتداء , كما يتضمن التهديد بإفقاد الضحية عقله أو بإخصائه أو الاعتداء الجنسي عليه , وقد يصل التهديد إلى حد تعذيب الأطفال الرضع في حالة القبض علي أم ومعها
رضيعها , حيث تحجز الام بمفردها وينتزع الرضيع منها ويحجز بمفرده في مكان آخر ولا يبعد كثيرا عن غرفة الام حتى تسمع صراخه .. والأعجب أن الجبهجية الجلادين والذين زعموا انهم جاءوا لأسلمة المجتمع كانوا يحرمون ضحاياهم المسلمين من أداء الصلاة !! لقد رجعوا بنا القهقري إلى اكثر من ألف وأربعمائة سنة إلى الجاهلية عندما كان أبو جهل والمشركون يعذبون بلالاً وعماراً والمسلمين الأوائل وهو يقول ( أحد أحد ) , ولكن هؤلاء هم جاهليو القرن الحادي والعشرين !
فهل هذا هو مشروعهم الحضاري الذي يدعون له أم هو مشروع همجي ممعن في الهمجية ؟! وبعد , فهل هؤلاء الناس سودانيون حقا بل هل هم بشر ولا شياطين ؟! أرى أن فيهم انحرافاً في الدين , وانحرافاً في الأخلاق , وانحرافاً في الإنسانية .. فالانحراف عن الدين الإسلامي الذي يحض علي الرحمة والتسامح والعطف فيخاطب سبحانه وتعالي نبيه عليه السلام ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ) ( آل عمران/159) , ويكون استغلالهم للدين عن جهل وخاصة أيفاعهم , أو عن علم به من كبارهم وهؤلاء يفسرونه تفسيراً معوجاً عن قصد ليوافق أهواءهم السياسية , فهم القائل فيهم القرآن ( يلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون) وذلك ليسيطروا علي الناس , وتعاموا عن خطابي ربنا لرسوله عليه السلام ( فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) (الغاشية/21-22) , وهم يجعلون الدين حكراً عليهم ويظنون أنفسهم الأصح دينا وبقية المسلمين لا إسلام لهم مثلهم , وهذا نوع من الكهنوت الذي ليس من الإسلام في شئ , كما أن الإسلام ليس فيه وصاية من مسلم علي مسلم ولا يوجد رجال دين بالمعني الموجود في الديانات الأخرى , كما لا توجد واسطة بين المخلوق والخالق , وكذلك ديننا السمح يبين لنا في القرآن الكريم حرية الاعتقاد وحرية الاختلاف : ( قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) (الكهف/29) , (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) _ (البقرة /256) , فيبين لنا الدين مشيئة الخالق في اختلاف البشر في الاعتقاد واللون واللغة , ولكنه الانحراف عن جهل أو هوي ! وكما قال الإمام علي رضي الله عنه ( القرآن حمال اوجه ) .. أما انحراف الجلادين ومن لف لفهم , فهم يعانون من نقص خلقي ونفسي وكثير منهم ليسوا أسوياء خلقياً يعانون من عقد نقص وشذوذ يعوضونه بقساوتهم وشراستهم , والذين يمارسون التعذيب أو الآمرون به يتلذذون من إتيان هذا الفعل البغيض أي انهم مصابين بالسادية ولذلك يتفننون في إيجاد وسائل تعذيب وحشية لإحداث اكبر قدر من الأذى والألم من الضحية .. وفي حقيقة الأمر هم جبناء لأن الواحد منهم يستأسد علي شخص مكبل بالقيود ومربوط بالحبال ولا مجال له للمقاومة أو الرد , ولو كان الأمر مواجهة رجل لرجل في غير المكان والموقف لما اجترأ الواحد منهم علي النزال , فهم ليسوا رجالًا بمفهومنا السوداني , فهل من الرجولة أن يعتدي علي شخص ويعذب وهو مكتوف و مكبل بالقيود لا حول له ولا قوة ؟!! إنها خسة وجبن مشين ! كنا حينما نتشاجر يقول الواحد للآخر (طالعني) أي يذهب الاثنان إلى الخلاء أو مكان بعيد عن الناس ويتعاركان هناك , أما هنا فالجلاد مسلح ويؤازره زملائه من الجلادين ويشتركون جميعاً في تعذيب ضحيتهم , والضحية في بيت الأشباح منهك وجائع وعطشان وضعيف ومقيد !!
والانحراف عن الأخلاق يتمثل في أن أعداداً لا يستهان بها ممن يسمون أنفسهم إسلاميين لا يقيمون وزناً للفضيلة والأخلاق مما ينعكس على أفعالهم مثل التعذيب الرهيب لكل من خالفهم أو أخذوه بالشبهة والظن , فضعف الوازع الأخلاقي يجعلهم يأتون بأي فعل شائن , ويؤيد قولنا هذا شهادة شاهد من أهلهم كان معهم وتركهم مع أنه كان من نجبائهم بعد أن تكشفت له حقيقتهم وهو الدكتور عبد الوهاب الأفندي فقد كتب :
أما النزول إلى ساحة المواجهة المباشرة مع تلاميذ الأمس ( يقصد أعضاء الجبهة ) الذين تم اختيار كثير منهم حسب مواصفات أهمها تجاهل الوازع الأخلاقي في أمور السياسة فهي وصفة لكارثة شخصية ووطنية )) ( من مقال الترابي والفرصة الأخيرة لإنقاذ ما تبقى ) ( جريدة الصحافي العدد 131 بتاريخ 11 مارس 2000 م ) .. إذاً , انعدام أو ضعف الوازع الأخلاقي هو مبدأ أفعالهم ويفسر لنا ما يتميزون به من غلظة ووحشية في التعامل مع الغير ممن يخالفهم في الرأي , ولذلك لغة الحوار عندهم تتميز بالعنف والإرهاب مما نجده في الجامعات من طلبتهم في استعمال السيخ والسكاكين في التعامل مع معارضيهم من الطلبة , وأما الجلادون فإنهم يغدقون عليهم من أموال المسلمين وغير المسلمين ليعذبوا المسلمين وغير المسلمين من الشعب السوداني الذين يخالفونهم في الرأي.

أما الانحراف الإنساني فيبدو أن قلوب الجلادين قد قدت من صخر صلد فهي قاسية متحجرة , فصاحب القلب السوي لا يحدث الأذى بأخيه الإنسان لمجرد التسلية أو التلذذ , بل على العكس يتألم ويحزن لما يحيق بالإنسان من أذى أو مكروه ولا يتمناه له أبداً لا لشيء سوى رابطة الإنسانية , والإنسان بحق يرق قلبه حتى للحيوان وتحدثنا الأحاديث الشريفة إن امرأة أدخلت النار في قطة حبستها ولم تطعمها ولم تطلقها لتأكل من خشاش الأرض , وأن رجلاً أدخل الجنة لأنه سقى كلباً أشرف على الهلاك من العطش , وبلغ الحد بنبينا الكريم عليه السلام أن يأمر المرء بأن يحد سكينه ويريح ذبيحته حتى لا تتعذب .. ولو كان هؤلاء الناس مسلمين حقاً لما غفلوا من أن دعوة المظلوم يستجيب لها الله من فوق سبع سماوات ويقول له وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين , وأن الله يغفر تقصير العبد في حقه تعالى , ولكن لا يغفر جرم العبد على العباد .. ولا ريب في حساب الجلادين وشركائهم في الآخرة جراء جرائمهم في حق الناس , وويل لهم من عذاب الآخرة .. أما في الدنيا فحتماً سيلاقي هؤلاء المجرمين حسابهم ولن يفلتوا من العقاب طال الزمن أو قصر ولو هربوا إلى أقاصي العالم , وسيقدم للمقاضاة والحساب الجلادون والآمرون بالتعذيب والمأمورون والمنفذون والمحرضون والساكتون عليه رغم عملهم به .. كل سيلاقى جزاءه لكي تظل بلادنا آمنة مطمئنة ويعيش السوداني آمناً حراً موفور الكرامة , ولكي نطهر أرضنا من رجس هؤلاء وممن تسول له نفسه مستقبلاً آتيان هذا الفعل الشائن المخزي وهو التعذيب …

هلال زاهر الساداتي
P.S. Mr. Hilal Zahir Elsadati is Sudanese human rights activists lives in exile due to the personal persecution he faced on the hands of the current regime in Sudan.

Saturday, October 15, 2005

أوقفوا التعذيب.. يتوقف الناس عن تفجير أنفسهم

أوقفوا التعذيب.. يتوقف الناس عن تفجير أنفسهم
مركز النديم لعلاج وتأهيل ضحايا العنف الحوار المتمدن - العدد: 1193 - 2005 / 5 / 10
لسنا في هذا البيان في حاجة إلى أن نعلن عن موقفنا ضد تفجيرات الأزهر وميدان عبد المنعم رياض والسيدة عائشة.. فنحن منظمات تناضل من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان ويأتي على رأسها حق الحياة الذي من دونه تنتفي.كما نكتب هذا البيان أيضا بصفتنا أطباء نعلم أن علاج الداء يكون بعلاج سببه وليس بعلاج أعراضه فقط.. لا يكفي أن نعالج النزلات المعوية إن لم نوفر للناس مياه نظيفة للشرب، ولا يكفي وصف المهدئات ما لم نعالج سبب التوتر.. ومبدئنا في الطب كما في أمور أخرى كثيرة هو الوقاية خير من العلاج.. وما نطرحه اليوم على المجتمع المصري هو أن نبحث معا عن الأسباب التي تجعل شبابا في بداية العمر يفجرون أنفسهم..
لقد بحت أصواتنا منذ سنوات منادين بوقف سياسة تعذيب المشتبه فيهم، وأسرهم وأقاربهم وجيرانهم وأصدقائهم، وتوسيع دائرة الاحتجاز خارج نطاق القانون، وتعرض المحتجزين أيا ما كان وضعهم للتعذيب والإهانة، حذرنا مرارا وتكرارا بأن السياسة الأمنية تلك بجانب كونها جريمة بكل المعايير الإنسانية، هي أيضا انتهاك صارخ للدستور والقانون المصري والمعاهدات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، كما إنها إلى جانب ذلك تحرم المواطنين المصريين من شعورهم بالمواطنة وتولد في النفس البشرية شعورا بالمذلة والرغبة في الثأر للكرامة المفقودة والجسد المنتهك وقلة الحيلة التي لا مخرج منها طالما الأيادي مقيدة والعيون معصوبة وأجهزة التعذيب في يد سلطة هي نفسها من يوجه الاتهام ويحقق فيه ويعاقب عليه دون حسيب أو رقيب.. سلطة توحشت في ظل قانون الطوارئ والحكم الاستبدادي للبلاد..
ولنتذكر أن توقيت عملية المنعم رياض وعملية السيدة عائشة قد تزامن مع وفاة، أم يجدر بنا أن نكون مقتل، المواطن محمد سليمان المدرس بمدرسة العبور والذي تم القبض عليه من مكان عمله ولقي حتفه بعد القبض عليه بفترة وجيزة وهو في حيازة الشرطة وأمرت سلطات الأمن – كعادتها - بدفنه في سرية تامة؟‍ ولم تمر 24 ساعة وخرجت علينا البيانات الجاهزة التي تأتى خلال ساعات قليلة بنتائج التحريات حتى وإن انتفي المنطق منها، حتى لو تعارضت مع أقوال شهود العيان، فدائما المعلومات جاهزة والجاني معروف للداخلية، ودائما قدرات الداخلية جهنمية في اكتشاف هويات وشخصيات الموتى حتى وإن كانوا بدون رؤوس أو أذرع أو بصمات، بل واكتشاف علاقات تلك الجثث المقطعة الأوصال من أصدقاء وأقارب، بل واستطاعت تحريات الداخلية الجهنمية أن تكتشف ما يتفوه به الناس من كلمات قبل موتهم بدقائق وما فكروا به وما كانت عليه نواياهم، إلى آخر تلك المعلومات التي يتصورون أن الشعب المصري على درجة من السذاجة بحيث يصدقها وحتى لو جاءت تلك البيانات متعارضة مع ما صدر عن نفس الجهة في اليوم السابق أو التالي على الحدث.
ورغم هذا الذكاء الخارق لسلطات الداخلية يتم القبض علي المئات من المحيطين بالمشتبه فيه حتى وأن كان قد لقي حتفه. هل يتوقعون أن يصدقهم أحد ؟ هل يطلبون منا أن ألا نتوقع أن يكون للتعذيب والإرهاب البوليسي ونشر الرعب في كل أنحاء الوطن سوى نتيجة واحدة هي خرس جميع الأفواه وسيادة سيوف الداخلية المسلطة علي رقاب العباد ؟ ألم يتوقعوا أن يفطن الشعب يوما إلى أن السياسة "الأمنية" لدولة الـ 24 سنة طوارئ هي السبب وراء ما يشعر به الناس في بلادهم بالهوان والذل وما يؤدي إلى لجوء شباب الوطن للتضحية بحياته؟ ألم يدر ببال أحدهم إن من تنازل عن حياته علي هذا النحو لابد وأنه يشعر بأنه لا قيمة لتلك الحياة ولا يجد أملا في المستقبل؟ لقد خاطبنا الداخلية والجهات المختصة بدل المرة مرات، وأرسلنا البيانات المدعمة بالمعلومات الموثقة مطالبين بوضع حد لانتهاكات الداخلية وإجرام جلاديها ولا من مجيب.. اليوم نصدر بياننا لكل ذي عقل وقلب وشجون في هذا البلد عل أن تنضم إلى صوتنا أصوات تشعر بأن من حقها الحياة في بلد تصان فيه الحياة والعرض والكرامة.. بلد يحكم فيه القانون والدستور وليس رجالات الداخلية من حاملي أوامر الاعتقال الجاهزة في يد وأجهزة التعذيب بالكهرباء في اليد الأخرى.في كل مرة كنا نحمل الداخلية مسئولية ما سوف يترتب على جرائمها من نتائج.. لكنهم ليسوا مهمومين بمن يحمل المسئولية.. فتحمل المسئولية يفترض أن هناك من يحاسب ويحاكم ويعاقب.. لكن الداخلية المصرية مطمئنة إلى أنه ليس هناك من يحاسب أو يحاكم أو يعاقب.. فهي تتمتع بالحصانة التي لا يتمتع بها مواطن مصري آخر.. لقد أصبحت مسئولية وضع حد لهذا الإجرام هي مسئولية كل مصري ومصرية كرهوا أن يروا الأوطان على ما هي عليه.. لقد كتب علينا وعليكم أن نحمل تلك المسئولية.. فلا معنى أن نعيش في بلد تكون السلطة الوحيدة الحاكمة فيه هي سلطة وزارة الداخلية وأن لا سلطة تقدر علي مراجعتها تنفيذية كانت أو تشريعية ...
لقد مللنا انتظار سماع صوت العقل لا صوت الرصاص وصرخات المعذبين والضحايا.. الشعب يصرخ من الجوع والبطالة والفقر وأموال الضرائب التى يدفعها من قوت أولاده تصب في "خزينة الدولة" لتجنيد جحافل جديدة من جنود القمع المركزى وشراء المزيد والمزيد من سيارات المياه والعصي الكهربية والكلابشات وأجهزة التعذيب والصرف علي حوافز كبار الضباط. لن تنتهي العمليات بمزيد من التعذيب، ولن تنتهي بتجريم النقاب، ولن تنتهي بإخلاء المناطق الفقيرة من سكانها و"إعادة توطينهم" في معتقلات الداخلية المصريةلا تقللوا من تأثير الاحتجاج ولو كان على شكل برقية.نناشدكم أن ترفعوا أصواتكم رفضا لما يدور في مصر من جرائم على أيدي رجال الداخلية.. وأن ترسلوا برقيات الاحتجاج إلى وزارة الداخلية ومكتب النائب العام ومكتب وزير العدل تعبرون فيها عن رفضكم لسياسات التعذيب والقتل في أقسام الشرطة.
ركز النديم لعلاج وتأهيل ضحايا العنفالقاهرة في 2/5/2005

Monday, October 03, 2005

Civil Disobedience in Cairo!

نداء إلى منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني و ناشطى حقوق الإنسان
عبر موقع سودانيز اونلاين سودانيزاونلاين.كومsudaneseonline.com10/3/2005 1:47 م

في هذه الأوقات يكون قد مضى
اليوم الخامس على التوالي من الاعتصام الذي ينفذه أكثر من 500 لاجئ سوداني بالقرب من مبنى المفوضية السامية للاجئين المكتب لفرعي بالقاهرة بجمهورية مصر العربية , حيث يطالب المعتصمين بتوفيق أوضاع اللجؤ الخاصة بهم و أوضاع آلاف اللاجئين السودانيين بجمهورية مصر العربية , ونهيب من الجميع , من منظمات مساعدة اللاجئين , و منظمات حقوق الإنسان , والمجتمع المدني , ناشطى حقوق الإنسان , و المهتمين ؛ أن يقوموا عبر وسائلهم الخاصة بتوضيح أسباب الاعتصام لوسائل الإعلام العالمية و الأجنبية حتى يتسنى تنفيذ مطالب المعتصمين و حل المشاكل الخاصة بهم , وهذا النداء نطلقه عبر موقع سودانيز اون لاين آملين أن يقوم الحادبين على الأمر بتناول قضية المعتصمين عبر فعاليات الموقع النشطة وذلك عبر المشاركات الداعمة لقضية المعتصمين.و دمتم لنصرة حقوق الإنسان
شرف الدين آدم إسماعيل – القاهرة